sokasonata

الثلاثاء، 24 نوفمبر 2015

أريد جناحين



الحمد لله على كل نعمه التي يغمرني بها، و خاصة تلك التي لا أعلمها.
ثمة دائما متسع للحلم و الأمل، رغم الغربان التي تملأ الدنيا بأصواتها القبيحة لابد أن تعود العصافير وتغنى وتغنى حتى تفزع الغربان و تختبئ من شدة الشعاع الجميل الذي يملأ الفضاء، سترفرف العصافير عاليا أسرابا أسرابا حتى تنقشع السّحب و تتراءى السماء بزرقتها وورديتها و كل ألوانها الزاهية لتسر الناظرين.
وستبتسم الطبيعة ليركض الحالمين إلى أحضانها.
------------------------------------------------------------
كنت آتي إلى صفحة الفيس بوك مرات كثيرة في اليوم، كل يوم كنت أسارع بالفرار إليها كي أتخلّص من الكلمات و الأسئلة التي تغلي في رأسي، لكنّ بياض الصفحة مستفزّ جدّا. إنّ الصفحة البيضاء من أكبر التحدّيات أمام من يكتب أو يرسم .
كنت أبحث عن بداية تنهمر منها لغتي و ماأصعب البدايات! لكن حاجتي إلى الكتابة فاقت رغبتي في تنميقها بكثير.
في النهاية، هذا الركن لي”، كذلك كنت أحدّث نفسي، “ على أن أكتب وأحلم طالما اننى بتّ لا أتحدث خارج ذلك المكان والذى عشت به سنين كثيرة .
أتحدث ؟ و ماذا عساني أقول في لقائي مع الرفاق في المكان أو العائلة أو الحياة ، أنا الذى أحمل هم من حرموا من بيوتهم و أمهاتهم ، أحمل الحقد و الغل لأشخاص يعبرون فوق أشلاء الأبرياء والأنقياء .
قد تكون الحياة صعبة بسبب فراغ كبير ما، كأن يكون المرء مريضا أو فقيرا معدما أو وحيدا مشرداً أو ضحية كارثة ما مثلا، و قد تكون صعبة أيضاً بسبب إمتلاء كبير، إمتلاء هائل.
أن تكون ممتلئا جداً ، ممتلئا بنفسك و عقلك و قلبك، ممتلئا بأحلامك، حتى يعجز العالم ومن حولك على استيعابك، لا كلاّ و لا أجزاء، لا مكان لك بكل بساطة.
أن تتساءل ما أنت فاعل بنفسك، إلى أين تمضي بكل ما أنت ممتلئ به وسط هذا العدم؟ أن تتساءل ما ذنبك إن تعلمت كثيرا؟ ما ذنبك إن كنت تشعر كثيرا؟ ما ذنبك إن كنت تستشعر جراح الهواء من خدوش الأسلاك .؟ ما ذنبك إن كنت أنت نفسك تماما و نفسك أنت؟ ما ذنبك إن كنت أنت الإنعكاس ذاته لنفسك ؟
أن تولد كبيرا، أن تتجرع الكثير من الحياة مبكرا دفعة واحدة فتقي نفسك من إعوجاجات كثيرة فترسم لها خارطة خطوط مستقيمة و تدرك بفخر أن تلك هي طريقك التي ستسلكها كي تشيّد نصيبك من هذا العالم.
إلا أن هذا العالم لا يريدك. لا يريدونك هكذا دفعة واحدة بخارطتك و بكل ما فيك و كل ما عندك. إما أن تتخلى عن فطرتك النقية أوأن تعيش غريبا.
غريبا كسحابة بيضاء ناصعة تتسلل بين الغيوم السوداء الملبدة باحثاً عن فتحة تطل على السماء، أو كعصفوريغني وسط نعيق الغربان، غريبا كورق شجر أخضر بين أشجار الشتاء العارية، أو كزهرة سحقتها الأقدام ففاح عبيرها. غريب كوحدتك بينهم، غريب كثورتك و عنفوانك وسط طمأنينة عفنة، غريب كدقات قلبك التي تسابق نفسها وسط ضمائر ميتة، غريب كتاريخ يصارع الجغرافيا كي لا تقتله!…
وقد فكرت كثيراً فى الغربة الموحشة تلك فى أعين من هم حولى فأن تكون غريبا يعني أن تكون قويا جدّا، مخيف أنت و مربك في نظرهم، ليس سهلا عليهم أن يفعلوا ما بوسعهم لتحطيمك، أن يتفننوا في اختراع الأشواك في طريقك ثم يرونك تنتزع قشور تلك الأماكن التي كانت تنزف دما حارا، تلك الأماكن التي اندملت جراحها. 
أشياء كثيرة لم تكن في حسبانهم، لم يحسبوا أنك قنديل مضيء حينما أشعلوا فيك فتيلا من نار، لقد نسوا أنك بخور عطر حينما رموا بك في كثبان الهشيم المحترق… ليس سهلا أن يحكموا إغلاق منافذ النور في وجهك ثم يسطع نور قلبك في وجوههم .
( خلاصة التجربة )
--------------------
يجب أن يكون لك جناحين .. لتسطيع الطيران بهم فى مدارك الحياة .. فلا يكفي أن تعيش.. بل يجب أن تحيا.. الحياة فكرة، الحياة مغامرة، الحياة طريق، الحياة معبر، الحياة معركة، الحياة صعبة.. لكنّها تبدو حلوة أحيانا.. عش بحبّ الله، عش بالأمل في الغد، كن بلسما و إن صار دهرك علقما ، فوالله يوجد على هذه الأرض ما يستحقّ الحياة.. لا بأس أن تشعر بالإحباط أحيانا أو غالبا لكن إيّاك أن تتوقّف عن الحلم، جرّب أن تسعد بحزنك أو أن تنتشي لوهمك ، جرّب أن تتنفس بعمق و إن كنت تغرق، جرّب أن تحيا…

يجب أن نستمتع بكل تلك الأشياء التي تدل على حياتنا.. العمل، الدراسة، المسؤوليات، العبادة، الأشخاص من حولنا، الليل و النهار، النوم، الأكل، الأحلام، الخوف، الإخفاق و النجاح، و غيرها… هي أشياء يجب أن نحبها و إن كانت دون الكمال.. لكي تحبنا لأننا بعيدون جدا عن الكمال. ثمة مائة طريق و طريق لتحقيق غاية ما عدا تلك التي نقيّد بها أنفسنا. ثمة دائما متسع للأمل، فرصة للبدأ من جديد، لتغير و التغيير، لترسيخ الإيمان، للإعتذار و العطاء… فلا يوجد سوى حياة واحدة لتحياها. لذا فعشها وحبها بنضج .


رسالة أحدث
السابق
هذا آخر موضوع.
اعلان 1
اعلان 2

0 التعليقات :

إرسال تعليق

عربي باي